خلال مايو 1882، شكلت كل من ألمانيا والنمسا – المجر وإيطاليا تحالفاً عسكرياً عرف بالحلف الثلاثي أملاً في الحفاظ على جانب من موازين القوى بأوروبا. وفي تلك الفترة، جاء التقارب الإيطالي والألماني بسبب رفض الأخيرتين لهيمنة كل من بريطانيا وفرنسا على جل المستعمرات ومطالبتهما بإعادة اقتسام العالم بشكل عادل. غير أنه بشكل مفاجئ، غادرت إيطاليا هذا الحلف سنة 1915. فعقب قبولها بمعاهدة لندن السرية، اتجهت الأخيرة لإعلان الحرب على حليفتيها السابقتين ألمانيا والنمسا – المجر مقابل حصولها على وعود بالهيمنة على بعض أراضي النمسا وانتزاع عدد من المستعمرات الألمانية في القارة الأفريقية.
خيبة أمل إيطالية
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، تعرض الإيطاليون لخيبة أمل حيث قرر المنتصرون اقتسام مستعمرات ألمانيا السابقة بين كل من بريطانيا وفرنسا واليابان لتخرج بذلك إيطاليا فارغة اليدين عقب خسارتها لما يزيد عن نصف مليون جندي ممن قتلوا على يد الألمان والنمساويين. من جهة ثانية، سمح للإيطاليين بالسيطرة على بعض المناطق النمساوية المطلة على البحر الأدرياتيكي كما وعدت بريطانيا وفرنسا بمنحهم بعض المناطق الحدودية بمستعمراتهما بالقارة الأفريقية. جاءت نتائج مفاوضات السلام لتشكل صدمة وخيبة أمل للإيطاليين. وبالسنوات التالية، ساهم ذلك في صعود الفاشيين واستيلاء الدكتاتور بينيتو موسوليني على السلطة.
بحلول العام 1924، وافق البريطانيون على منح منطقة جوبا لاند (Jubaland) الكينية لإيطاليا ليتم على إثر ذلك ضم هذه المنطقة لمستعمرة الصومال الإيطالي. إلا أن الفرنسيين تأخروا سنوات في تنفيذ وعودهم حيث اضطر الإيطاليون لانتظار منتصف الثلاثينيات للظفر ببعض المكاسب التي وعدوا بها عقب الحرب العالمية الأولى.
مفاهمة موسوليني – لافال
عقب حادثة اغتيال وزير الخارجية الفرنسي لويس بارتو (Louis Barthou) وملك يوغوسلافيا ألكسندر الأول بمرسيليا يوم 9 أكتوبر 1934، حصل بيار لافال (Pierre Laval) على حقيبة الخارجية الفرنسية. وبفضل ذلك، شهدت السياسة الخارجية الفرنسية تغييراً هاماً. فبتلك الفترة، اتجه لافال للبحث عن طريقة لوضع حد جذري لأي تحالف مستقبلي بين النظام الفاشي الإيطالي والنظام النازي الألماني. وأملاً في عزل أدولف هتلر، حاول لافال التقرب من موسوليني عن طريق إبرام مفاهمة معه تهدف لتسليم الإيطاليين بعض الأراضي في أفريقيا تزامناً مع مساندتهم بمشاريعهم التوسعية.
عقب جملة من المفاوضات، أبرمت يوم 7 يناير1935 مفاهمة إيطالية فرنسية بين كل من لافال وموسوليني. وبموجب هذه المفاهمة، وافقت فرنسا على منح منطقة راهيتا (Rahayta) في مستعمرة أرض الصومال الفرنسي وضمها لمستعمرة إرتيريا الإيطالية. كما وافقت أيضاً على التخلي عن منطقة قطاع أوزو، التي كانت جزءًا من أفريقيا الاستوائية الفرنسية، وضمها لمستعمرة ليبيا الإيطالية. كذلك منحت الحكومة الفرنسية الضوء الأخضر لموسوليني لغزو أثيوبيا مؤكدة على حيادها بهذه القضية. خلال السنوات التالية، فشلت هذه المفاهمة في منع التقارب الإيطالي الألماني. وعام 1940، دخلت إيطاليا النزاع العالمي إلى جانب الألمان عقب إعلانها الحرب على كل من فرنسا وبريطانيا.